وثاني هذه الوجوه ارتباط الأحداث وسرعتها بمصدر مفارق لواقعنا ومثال ذلك أنّ الطّاووس ينقلب من حال إلى آخر بمجرّد رغبة أحد الشّخوص وإذا به يرجع إلى سالف حاله بمجرد انقضاء الوطر منه: " ويعبر بين تلك الأكراس أي الجماعات طاووس من طواويس الجنّة يروق من رآه حسنا، فيشتهيه أبو عبيدة مصوصا، فيكون كذلك في صحفة من الذهب، فإذا قضي منه الوطر انضمّت عظامه بعضها إلى بعض ثمّ تصير طاووسا كما بدأ. فتقول الجماعة سبحان من يحيي العظام وهي رميم " ( 24 ) . وتتواتر هذه المشاهد في الرّحلة حتى تستحيل من الثّوابت فيها، ولعلّ في سرعة الحدث وفجائيّته من جهة، وفي غرابته من جهة أخرى، ما جعل الشّخوص تعبّر تصريحا عن حيرتها لأمام تفسيرها. ومردّ هذه الحيرة التي لا شكّ في أنّها تنتقل إلى القارئ ، عنصر العجيب الذي تنبني عليه. يقوله T . Todorov
“ Il faut que le texte oblige le lecteur a ( …) hésiter entre une explication naturelle et une explication surnaturelle des événements “
" يجب أن يجبر النّصّّ القارئ على ( ... ) أن يتردّد بين تفسير طبيعيّ وبين تفسير ميتافيزيقيّ ( فوق طبيعي – خارق ) للأحداث"
وفي انعدام التّفسير، أي تفسير، لهذه الأحداث إبقاء على صفة العجائبية فيها. وهل نعجب إلاّ لما ليس له تفسير مقنع ؟ ذلك أنّنا متى وجدنا لأي حدث تفسيرا منطقيا فإنّنا نخرج به من طوره العجائبي إلى طوره الطبيعيّ أي من طوره اللاّمعقول إلى طوره المعقول. ولذلك بدت هذه الأحداث ضبابيّة الإدراك بالنّسبة إلى القارئ والشّخوص، ويصعب فيها تلمّس ملامح الصورة. " فيأخذ سفرجلة أو رمّانة أو تفّاحة أو ما شاء الله من الثّمار فيكسرها فتخرج منها جارية حوراء، عيناء، تبرق لحسنها حوريّات الجنان ( 25 ). كما كثيرا ما تبدي هذه الشّخوص حيرتها التي تستحيل إلى مقطع نصّي تتراوح فيه بين التّفسير الطّبيعيّ والتّفسير الخوارقيّ: " ثمّ يضرب سائرا في الفردوس وإذا هو بحيّات يلعبن ويتماقلن، فيقول لا إله إلاّ الله، وما تصنع حيّة في الجنان ؟ " ( 26 ). يقول
T . Todorov في هذا الإطار : “ Ensuite cette hésitation peut être ressentie également par Un personnage , ainsi le rôle du lecteur et pour ainsi lire confie a un personnage et dans le même temps , l’hésitation se trouve représentée , elle devient le thème de l’oeuvre “ .
|