bac.Tunisien Matiere Arabe
  العجيب في رسالة الغفران
 
الخطاب العجيب في رسالة الغفران هذا جزء من دراسة مطوّلة حول رسالة الغفران : البناء والدّلالة : الفصل الثّاني الخطاب العجيب في رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّي إعداد : محمّد بن الطيّب الحامدي http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=23643 قد لا يكون الحديث في " رسالة الغفران " لأبي العلاء المعرّي إلاّ مجازفة تنتهي إلى حيرة أكثر من انتهائها إلى إقرار وقول فصل. فغفران المعرّي كان موضوع حديث عدد هائل من النقّاد، فالكل ّأدلى بدلوه في تضاريس الرّسالة وكان الغنم وافرا أحيانا وشحيحا أحيانا أخرى. وإن نحن نروم البحث في ما بدا عجيبا من خطاب المعرّي في هذا النّصّ الإبداعيّ الذي يكاد يكون، فريدا، فإنّنا نحاول أن نؤسّس قراءة أخرى للرّسالة. نقول قراءة أخرى ونقصد بذلك أنّها قد لا تكون جديدة. وإنّما الغاية متعة القراءة، والهدف الطرق من جديد، أو لنقل الطرق الآخر. ثمّ إنّنا ونحن نقرأ الرّسالة من هذه النّافذة، نافذة الخطاب العجيب، نستحضر متقبّلا عالما بأسرارها، مستحضرا بدوره لآراء هائلة قيلت في، نصّ " أبي العلاء ". ومع ذلك فإنّ قول أبي حيان التّوحيدي " إنّ الكلام على الكلام صعب " لا يمنعنا من موازاة مغامرة " ابن القارح " في الجنان، في مغامرة ثانية نشرّع من خلالها لحضورنا باعتبارنا قرّاء لهذا النّصّ الذي نحاول أن نبحث فيه عن خصوصيّة الخطاب العجيب، نشرّع لحضورنا بمعنى أنّ علاقتنا مع النّصّ لم تكن خالية من الحيرة خاصة وأنّ العقلية المنطقيّة التي تشدّنا إلى القوانين السّببيّة تجعلنا في حيرة إزاء هذا النّصّ / الحدث الذي نعتبره نصا / حدثا غير طبيعيّ، بأيّ فهم شئت للنّصّ / الحدث الطبيعيّ . تتوفّر في النّصّ – نصّ الرّسالة طبعا – ظواهر لا تتورّع على أن تسفر عن عجائبيّتها في وضوح بيّن حتى أنّه لا يبدو واضحا أحيانا ( لا تكاد تشعر به لوضوحه ). فهذه حيوانات تنطق بفصاحة العرب، وتلك ثمار تنقلب إلى جوار شقر حسان، وهناك في ذلك العالم قصور من الجواهر فوق تراب من العنبر والمسك... وغير ذلك كثير كثرة مكونات أيّ عالم من العوالم. ثمّ إنّ انبثاق النّصّ كان انبثاقا غير عاديّ، ولا يمكن له أن يحدث في الواقع وطبق مقاييس العقل، نقصد بذلك انقلاب حروف رسالة ابن القارح إلى أشباح نور وأشجار... فالانزياح إذن كان منذ العروج من عالم الواقع إلى عالم الخيال، أي العروج من عالم المعقول إلى عالم العجيب. كما أنّ مشروعيّة هذه المسألة تتأكّد من خلال تواتر ألفاظ أو تراكيب في الأثر تفيد العجب. فقد تواترت هذه اللّفظة حتّى صارت من الثّوابت في أحداث الرّسالة، يقول أحد الشّخوص: " ومن العجب أنّ الجرادتين في أقاصي الجنّة ... "1- ويقول الرّاوي عن أحد الشّخوص وهو ابن القارح: " فيعجب الشّيخ من هذه المقالة " 2- ويقول ابن القارح : " فيعجب وحقّ له العجب " 3- فالكلّ يبدو في الرّسالة مستفسرا متعجّبا، يقول أحد الشّخوص بعد أن رجع الطّاووس إلى حاله: " سبحان من يحيي العظام وهي رميم". إنّ بحثنا في الخطاب العجيب إذن سيكون هدفه ومنطلقه ما اعتيد أن يسمّى قسم الرّحلة. ولا يعني ذلك أنّنا نشرّع للفصل بين القسمين، فذلك عندنا خطأ منهجيّ فادح، ولكنّ طبيعة السّؤال الذي نروم طرحه اقتضت التّركيز على هذا الفصل من " الغفران " رغم أنّنا قد لا نعدم بعض مظاهر العجب فيما سمّي قسم " الردّ المباشر "، إضافة إلى هذا المنطلق، فلنا أساس آخر عليه نقيم قولنا هذا، وهو مصادرة مفادها أنّ من مقوّمات الأثر الأدبيّ أو من أسس وجوده لغته، فاللّغة مؤسّسة لكلّ أثر أدبيّ ومتجاوزة له، إذ يعلن Roland Barthes " وكلّما خطّ الكاتب تشكيلة أو مركّبا من الكلمات إلاّ وكان وجود الأدب نفسه مطروحا للتّساؤل " بقي أن نقدّم الآن تصوّرنا لهذا العنوان العجيب في حدّ ذاته إذ ما الذي نقصده بعبارة " خطاب عجيب " . يقول “:T. Todorov Le fantastique c’est : l’hésitation éprouvée par un être qui ne connaît que les lois naturelles face a un événement surnaturel “
 
   
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement